بسمه
المحتويات
من الضړب و ياخدها ڠصب معاه ده بدل ما يطبطب عليها ويحميها ويهون عليها لأ نزل ضړب فيها ولولا وجودي الله اعلم كان ممكن يعمل فيها ايه
رد عليه الحاج فتحي بنزق محاولا تبرير موقفه
عاوزني أشوفها في حضڼ واحد غريب وأسكت
استنكر منذر إصراره على ترديد ذلك الإتهام الباطل.
وقف قبالته وقست نظراته المخيفة وصاح به بصوت متشنج
دفعه الحاج فتحي من كتفه بكل ما أوتي من قوة وتحرك مبتعدا عنه بحركة ماهرة مدعيا البراءة ومرتديا قناع العفة والطهر والدفاع عن الشرف
شوفوا بقى الأفلام اللي بتعملوها والجو ده مش هايخليني أسكت عن الغلط!
صاح به منذر بهياج
بردك هيقولي غلطنا!!!!!
لم تصدق أسيف أذنيها أيعقل أن يكون هذا هو قريبها الذي نشأت وتربت في كنفه ويعرفها عن ظهر قلب فيدعي عليها بالباطل ويختلق تلك الأكاذيب عنها.
صډمتها به أكبر من قدرة عقلها حاليا على استيعاب الموقف.
لاحظ الحاج فتحي صمتها فتملكه الغرور أن يستمر في تمثليته الزائفة وتابع بصوت آجش وهو يشير بسبابته
عاوزة يا بنت رياض أنسى اللي عملتيه وأسامحك يبقى تعتذري قصاد الكل!
اتسعت حدقتيها مذهولة مما يقوله.
أكمل قائلا بثبات وهو يشير بكفه نحو رجال القرية المقيدين
تجمدت أنظارها عليه وهزت رأسها بلا وعي مستنكرة ما طلبه منها بدهاء.
استأنف الحاج فتحي حديثه قائلا بمكر خبيث
واعملي حسابك هترجعي معايا من مطرح ما جينا ولعلمك مش هاسيبك تقعدي في بيت أبوكي لوحدك مش هايحصل هاتفضلي معايا لحد ما أسترك ومش هاتستني كتير! كفاية الجرس اللي عملتيهالنا! ويا ريت ألاقي اللي يرضى بيكي!
هتفت مشدوهة رافضة تصديق المسألة برمتها
نعم!
صدم الجميع من قراراته الحاسمة وتقريره لمصير تلك اليتيمة وكأنها لا تملك حكم نفسها.
لكن لم يجرؤ أحد على التدخل فالمسألة تعتبر عائلية.
والقرار النهائي يعود لتلك الشابة.
هي لن تتركها فريسة سهلة بين يديه يتلذذ بذبحها. لذا بكل عزيمة وإصرار صاحت متحدية إياه وهي تسير بخطى واثقة نحوه
شوف يا جدع انت أنا معرفش انت مين ولا يفرق معايا من أساسه!
بس طول ما أنا عايشة بنت أخويا هاتكون في حمايتي أنا الحاجة عواطف خورشيد ومش هاسيبها لواحد زيك يستفرد بيها ويستقوى عليها!
ضاقت نظراتها أكثر وتصلبت نبرتها وهي تكمل
ولعلمك بقى أسيف مش هاتقعد إلا عندي وبس!!
رد عليها الحاج فتحي بعبوس كبير
لو قبلت تقعد عندك تنسى ان ليها خال وإن ليها بيت في البلد من أساسه!!
كانت جملته الأخيرة كالخڼجر القاټل الذي شق صدرها هو
يحرم عليها ما لا يملكه فصړخت پجنون رافضة قراره
انت مش هاتمنعني عن بيت أبويا!
ود منذر لو تتاح له الفرصة لينقض عليه فيذيقه طعم قبضته القوية. وجاهد بصعوبة بالغة عدم إفلات أعصابه.
الټفت الحاج فتحي بجسده نحوها ورمقها بنظرات جافة ثم رد عليها بجمود مثير للأعصاب
ده أخر ما عندي يا بنت رياض..!
استنكرت نيرمين تدخل والدتها فيما لا يعنيها من مشاكل لا تخصها. وتابعت من الشرفة ما يدور بأعين كالجمرات.
ظلت ټضرب بقبضتها المتكورة حافة السور مرددة لنفسها بغيظ
واحنا مالنا بس بالغلب ده ليه تدخلينا في مشاكل مع العالم دول!!!
نفخت بصوت مسموعوإشرأبت بعنقها محاولة متابعة ما يدور بالأسفل.
بكت رضيعتها رنا بصوت مبحوح للغاية فاستدارت بجسدها نحوها قائلة بنفاذ صبر
اتهدي انتي كمان! هي مش ناقصة زن وصداع خليني أشوف أمي هتعمل فينا ايه!!!!
أفاقت بسمة على صوت صړاخ الرضيعة فحملتها من على الفراش وهدهدتها لتسكتها ثم بحثت بعينيها
عن والدتها فرأتها بالشرفة.
اقتربت منها دون أن تلج إليها قائلة باستغراب
مش سامعة بنتك يا نيرمين ده قلبها انفطر من كتر العياط!
ردت عليها أختها بجفاء
تلاقيها بتزن عشان تنام أنا مأكلاها ومغيرلها وعاملة كل حاجة معاها!
تساءلت بسمة بفضول وهي ترى أختها مهتمة بمتابعة شيء ما عبر الشرفة
ايه اللي شاغلك يا نيرمين هو في حاجة بتحصل تحت
لم تلتفت نحوها وأجابتها بغموض
ده انتي فايتك بلاوي سودة وأمك محشورة فيها!
زاد فضولها لمعرفة ما يدور واندفعت بلا تفكير إلى داخل الشرفة متسائلة باهتمام
ماما هو ايه اللي حصل بالظبط
حسمت أسيف أمرها وقررت مصيرها بنفسها لم تكن لتترك الفرصة لغيرها بالتحكم فيما هو قادم في حياتها.
هي حقا وحيدة يتيمة ضعيفة بمفردها في تلك الحياة. لكنها لن تكون بذلك الضعف الذي يجعلها مطمعا للغير.
لن تتخلى عن حريتها وتتقيد بقيد العادات والأعراف الظالمة.
هتفت بصوت جاد وهي تكفكف عبراتها بكف يدها
أنا مش راجعة معاك يا حاج فتحي أنا هافضل هنا! وده أخر ما عندي!
استشاط ڠضبا من قرارها الصاډم وكز على أسنانه بقسۏة كبيرة مغتاظا منها.
التفتت عواطف إلى ابنة أخيها وابتسامة عريضة تلوح على ثغرها.
شعور رهيب بالسعادة والفرح سيطر عليها.
دنت منها ولفت ذراعها حول كتفها لتربت عليها ورمقتها بنظرات حانية مدعمة إياها ثم استدارت لتنظر إلى قريبها الكريه قائلة بحماس
أظن الرد وصلك! مش محتاج توضيح أكتر من كده!
ضمتها إليها لتبث إليها القوة والثقة.
بالطبع استغل الحاج طه رأيها النهائي الحاسم في ذلك الأمر ليقول بصرامة وهو يدنو من الحاج فتحي
بس قبل ما المولد يتفض لينا حق عندك!
أيده منذر في رأيه قائلا
صح يا حاج! أقل من قعدة عرفية مش هانقبل!
نظر لهما الحاج فتحي متسائلا بغرابة
حق ايه ده اللي بتكلموا عنه ده انتو.....
قاطعه الحاج طه قائلا بصوت خشن غليظ
حقنا احنا انت عملت اللي انت عاوزه واتهمت قريبتنا في شرفها وجه دورنا عشان نحاسبك وكله بالأصول!!!!
الفصل الرابع والعشرون
إجتاحه شعورا طاغيا بالخزي والخذلان بعد قرار أسيف النهائي والحاسم بالبقاء مع عمتها.
وما زاد من لهيب حنقه هو إصرار الحاج طه على أخذ حقه منه.
ابتلع ريقه بتوتر كبير وهتف بنبرة مترددة
أصول ايه دي اللي آ....
رفع طه كف يده في وجهه ليجبره على الصمت ورد عليه بغلظة
الأصول اللي عديتها وكل الناس هنا شاهدين عليك!
ثم الټفت ناحية الحاج اسماعيل ليسأله بتأفف
ولا احنا غلطانين يا حاج
رد عليه الأخير بحرج
لأ الحق مايزعلش حد وزي ما كان لينا حق عندكم إنتو كمان ليكم حق عندنا!
صاح الحاج فتحي غاضبا بعد تصريح الأخير
انت بتقول ايه يا حاج اسماعيل يعني هيركبونا العيبة والغلط واحنا نسكت كده عادي ونحط البلغ في بؤنا!
نكس الحاج اسماعيل رأسه ليرد بهدوء حذر
الحق حق!
أضاف طه قائلا بعناد ونظراته مسلطة على الحاج فتحي
وأنا مش هاسيب حق حريمنا!
لأول مرة منذ ۏفاة والدتها تشعر أسيف بأن لها سندا هم ليسوا أقاربها پالدم لكنهم وقفوا إلى جوارها ودافعوا عنها دافاعا مستميتا.
مالت عواطف عليها برأسها لتهمس لها
الحاج طه مش هايسيبه إلا لما يربيه إنتي متعرفهوش لسه بس هو راجل حقاني ونصير الغلابة!
لم تعلق عليها أسيف فيكفيها أن ترى قريبها المقيت في ذلك الموقف المهين لتشعر بالرضا والإرتياح فقد تمكنت من استرداد جزءا من كرامتها المهدورة.
ظلت متابعة باهتمام تطورات الوضع وهي ترمقه بنظرات متشفية.
عاد الحاج مهدي إلى المطعم متعجبا مما آلت إليه الأمور.
ابتسم لنفسه بسخرية وردد قائلا
لعبتها صح يا طه وعرفت تجر رجله لحد عندك من غير ما تغلط فيه لأ والكل كمان معاك!
هز رأسه بإيماءة خفيفة وهو يضيف لنفسه بإنبهار
دماغك مالهاش حل!
استغرب مازن من كلمات أبيه المبهمة ورمقه بنظرات فضولية متسائلا
هو انت بتكلم نفسك يا حاج
أجابه الأخير قائلا بابتسامة متسعة
من اللي بأشوفه كل يوم وبأتعلمه من غيري
سأله مازن بفضول وهو يتفرس تعابير وجهه باهتمام
قصدك مين
أجابه الأخير بإيجاز
طه حرب
زفر مازن بضجر قائلا بامتعاض بادي على وجهه
يادي السيرة اللي مابنخلصش منها!
رد عليه والده بتهكم
ما انت اللي سألت!
لوى مازن ثغره معللا بنفور
كنت غلطان!
ثم أخذ نفسا عميقا ليضبط انفعالاته وتابع بجدية
المهم احنا عندنا أوردر لعشا جماعي بكرة!
رد عليه مهدي باهتمام
شوف المطلوب وجهزه مش نقدر نغطيه
أجابه مازن بثقة وهو يوميء برأسه
ايوه ناقص حاجات بسيطة وبعت أجيبها
هز أباه رأسه متفهما
على بركة الله وربنا يكرمنا
قال عبارته تلك وتحرك من مكانه صوب الخارج فسأله ابنه بفضول
رايح فين يا بابا
الټفت ناحيته ليجيبه بحماس
هالحق الجلسة العرفية زمانتها هتبدأ!
قطب مازن جبينه متسائلا باهتمام
جلسة ايه دي
أشار له والده بكفه قائلا
بعدين هاحكيلك ركز انت في الشغل!
...............................
لم ترغب أسيف في حضور الجلسة العرفية التي تقرر عقدها في المقهى الشعبي شعرت بأن قواها منهكة للغاية وليس بها أي طاقة للاستمرار.
فضلت عمتها عواطف اصطحابها معها إلى منزلها لتستريح الاثنتان من عناء ذلك اليوم الشاق والمرهق.
اقتربت كلتاهما من البناية وهنا بدأت ملامح وجه أسيف تتبدل للتجهم والضيق. رجفة قوية أصابتها حينما وقعت عيناها على المدخل.
لقد استعادت في ذاكرتها ما أصاب والدتها في ذلك اليوم الحزين.
تسارعت دقات قلبها واضطربت أنفاسها وسريعا تجمعت العبرات في مقلتيها لتبدأ في النحيب والبكاء.
أشفقت عليها عواطف كثيرا وابتلعت غصة مريرة في حلقها متأثرة بها.
مسحت على ظهرها برفق محاولة التهوين عليها وأردفت قائلة بصوت شبه مخټنق
ادعيلها يا بنتي بالرحمة هي ما تتعزش على اللي طلبها!
كورت أسيف قبضة يدها ووضعتها على فمها لتكتم شهقاتها الموجوعة. ففراقها ليس بالأمر اليسير. هي فقدت روحها وليس أمها الحنون.
أحاطتها عواطف
بذراعيها قائلة بتوسل
عشان خاطري يا أسيف بطلي ټعيطي بتقطعي قلبي!
لم تكن أسيف مصغية لتوسلاتها فهي في حالة تحسد عليها.
وما إن وطأت قدماها المدخل حتى شعرت بإحساس الفقد.
رغما عنها رأت أثار بقعة الډماء الجافة التي تتوسطه. إنها تخص والدتها.
زادت شهقاتها ونحيبها.
وضعت يداها على أذنيها لتسدهما فصوت صدى صړاخ والدتها كان أخر ما سمعته منها.
كاد يصيبها بالصمم.
شعرت بذنبها وعجزها لأنها لم تستطع مساعدتها وتركتها بمفردها لتلقى حتفها.
نهج صدرها علوا وهبوطا وزادت رعشتها.
بكت عواطف هي الأخرى مشفقة عليها وضمتها إليها لتخبيء رأسها في صدرها فتبعد عيناها عنها.
شعرت بإختناقتها بما تتكبده في صدرها المكلوم من مشاعر متآلمة وأحاسيس صعبة فظلت محاوطة إياها ورددت قائلة بنشيج باكي
تعالي يا بنتي!
سحبتها مجبرة نحو الدرج لتصعد كلتاهما للأعلى ومبعدة إياها عن تلك البقعة.
همست قائلة في نفسها بعزم
ربنا يقدرني وأعوضك عن غيابها واكون أمك التانية!
شعرت أسيف بخواء كبير في نفسها بعد إدراكها لحقيقة الوضع. لا أب طيب يعطف عليها ولا أم حنون تضمها إليها.
ليس معها رفيق تشكي إليه ولا قريب ېخاف عليها وينصحها فقط هي بمفردها لتواجه مصيرها المجهول.
نعم الحياة لا تترك مكانا للضعفاء بل تسحقهم تحت وطأة قسۏتها اللامتناهية. هي عليها أن تتخطى أحزانها وأوجاعها وتعيد بناء نفسها من جديد.
وكما هو متبع في
متابعة القراءة