بسمه
المحتويات
أسيف أنا سمعت كلامك وجيت هنا وأنا متأكدة إن مافيش علاج لحالتي كل ده قضا!
انتبهت ابنتها لها وردت عليها بصوت مخټنق نوعا ما
الطب اتقدم يا ماما وحاجات كتير اتغيرت عن زمان فليه تستسلمي على طول
أجابتها أمها بهدوء زرين
أبوكي الله يرحمه عمل اللي عليه وقتها معايا وسافر بين هنا وهناك وفي كل حتة والنتيجة كانت واحدة..!
وأنا الحمدلله راضية بنصيبي واتعودت على كده!
اقتربت أسيف من أمها وچثت على ركبتيها أمامها لتكون في مستوى نظراتها المنخفضة ثم همست لها برجاء
عشان خاطري يا ماما خلينا نحاول تاني في أكتر من مركز كويس احنا لسه في البداية!
ثم مدت يديها لتمسك بكفيها وضغطت عليهما بأصابعها وهي تتابع بإلحاح
قاطعتها حنان قائلة بعدم اكتراث لحديثها
المهم دلوقتي هانروح لعمتك امتى
اتسعت حدقتي أسيف في صدمة وإرتفع حاجبها للأعلى فقد كانت عبارتها الأخيرة مباغتة بدرجة كبيرة..
تملكها الإرتباك وتوترت نظراتها وهي محدقة بها.
بدت متلعثمة وهي ترد
هو...
أكملت حنان قائلة بنبرة متريثة تحمل الجدية
رمشت أسيف بعينيها في توتر أكبر.. فأمها دوما تمتاز بالصراحة والوضوح في حديثها.. وبالتالي تعجز هي عن مجابهتها أو إخفاء أي شيء عنها..
اضطربت دقات قلبها وارتفعت نسبة الأدرينالين في دمائها.. وباتت أكثر حماسة عن ذي قبل..
راقبت حنان تبدل حالها بكثب ثم أضافت قائلة بجدية وهي تسحب كفيها من يدي ابنتها
أومأت الأخيرة برأسها بحركة خفيفة قائلة بصوت خفيض
ماشي يا ماما!
ثم استدارت بمقعدها المتحرك مبتعدة عنها وهي تغمغم بصوت منزعج لكنه خاڤت للغاية
عدي اللي جاي على خير يا رب!
عضت أسيف على شفتها السفلى بارتباك ونهضت لتقف على قدميها.. ثم تنهدت بعمق محاولة ضبط انفعالاتها المتحمسة لذلك اللقاء المثير!!!
ممكن أدخل يا منذر
قالتها جليلة وهي تقف على عتبة باب غرفة ابنها البكري ومستندة بيدها على الحائط..
الټفت منذر ناحيتها وهو يمشط شعره قائلا بتعجب من طلبها للإذن
ابتسمت له ابتسامة عريضة ودخلت إلى غرفته لتتأمله بفخر كان قد انتهى هو تقريبا من إرتداء ثيابه.. ولم يبق لديه إلا وضع حذائه في قدميه..
جلست على طرف الفراش وأمسكت بملابسه المنزلية تطويها ثم رددت قائلة بحذر
كنت عاوزاك في موضوع كده!
رد عليها بهدوء وهو يربط حذائه
خير يا أمي!
تنهدت مطولا وهي تقول بعتاب خفي
مش ناوي تفرحني بيك وتتجوز تاني!
اعتدل في وقفته وضحك عاليا وهو يردد بإندهاش
انتي عندك عروسة ليا
انتابها الفضول لمعرفة ما يفكر به خاصة بعد أن رأت ردة فعله العادية فهتفت بحماس
بص هو يعني في كام حد بس انت مش في دماغك واحدة معينة صح
رد عليها بجمود وهو يضع مفاتيحه في جيبه
والله يا أمي أخر همي الموضوع ده!
نهضت من على الفراش لتقف قبالته ثم ربتت على كتفه مرددة بحنو
العمر بيجري يا حبيبي!
ثم أخفضت نبرتها قليلا لتظهر حزنها وهي تضيف
وأنا نفسي أفرح بعوضك وبعيالك !
زفر بضجر من تلميحها وهتف قائلا بجدية
ومين هترضى بواحد زيي
شهقت مذعورة من جملته الأخيرة لاطمة على صدرها وتبدلت تعابيرها للإنزعاج الكبير ثم هتفت مستنكرة
الله أكبر هو انت فيك حاجة تتعيب ده انت سيد الرجالة كلهم ومتعلم ومعاك شهادة تجارة!
التوى فمه بابتسامة ساخرة وهو يرد عليها
ياه يا أمي بقالي زمن ماسمعتش الكلام ده!
هتفت جليلة مرددة بحماس وقد لمعت عيناها
وافق انت بس وأنا أدورلك على واحدة تتجوزها
رد عليها بفتور
ربك يسهلها!
ثم دنا برأسه عليها ليسألها بمكر
بس قوليلي انتي بتفكري في مين شكلك عندك واحدة ليا ها مظبوط
ضحكت بسعادة ثم وضعت إصبعيها على طرف ذقنها لتقول بسجية
هو أنا باينة أوي كده
غمز لها منذر قائلا بتسلية
ده أنا عارفك يا أمي
أخذت نفسا عميقا وأخرجته دفعة واحدة من رئتيها ثم هتفت فجأة دون أي مقدمات
عارف نيرمين
بدا الاسم مألوفا نوعا ما لديه لكنه لم يستطع أن يخمن هوية صاحبته بوضوح فتساءل مهتما
مين دي
ردت بثقة
بنت عواطف البت الكبيرة!
تذكرها منذر وأردف قائلا بإستغراب وقد انعقد ما بين حاجبيه بشدة
بس أفتكر إنها متجوزة!
صححت له معلومته قائلة بتلهف
لأ هي اطلقت من جوزها من كام يوم
ضاقت نظراته إلى حد كبير وتجمدت تعابير وجهه ثم هتف مستنكرا تفكير والدته في تلك الزيجة
وأنا أعمل بيها ايه أروح أصالحهم مثلا!
ردت عليه بحماس وهي تشير بعينيها
لا خلاص معدتش ينفع ترجعله هو طلقها للمرة التالتة!
فهم منذر سبب إشارة والدته لها تحديدا ورد بتهكم وهو يلوح بذراعه
اها قولتيلي وانتي عاوزاني أكون لا مؤاخذة إريال و....
قاطعته قائلة فورا قبل أن يسيء فهمها
لالالا مش كده خالص!
سألها باقتضاب وقد بدا متأففا
أومال
أجابته بحذر
البت كويسة وحلوة ولهلوبة وفوق ده كله مخلفة بطنها شغالة يعني.. فاهم قصدي!
أرجع رأسه للخلف ورد عليها بصوت آجش
بقى الموضوع كده! مخلفة عيال!
بالطبع لما لا تلجأ والدته إليها لتتأكد من وجود
من تصلح للإنجاب خاصة أنها تعرف معاناته السابقة مع زوجته الراحلة..
هزت جليلة رأسها بإيماءة قوية وهي تضيف
بصراحة أه وكفاية إننا عارفينها ومضمونة ومتربية وسطنا! يعني لا في يوم هاتقل أدبها ولا....
قاطعها منذر
متسائلا بجمود
وتفتكري هي هترضى تتجوز تاني
أجابته مستنكرة تفكيره في احتمالية رفضها له
وهي تستجري ترفض هي هتلاقي أحسن منك فين
أيقن منذر أن والدته قد وضعت تلك المطلقة ضمن مخططاتها للزواج وهو ليس به الرغبة للحديث في هذا الشأن حاليا فعلى عاتقه الكثير من الالتزامات والمسئوليات لذا رد عليه بحزم
بصي يا أمي مش وقته الكلام في الموضوع ده إنتي بتقولي مطلقة من كام يوم يعني لسه في موال عدة ومشاكل وبلاوي مع طلقيها وأنا مش عاوز ۏجع دماغ!
بررت له سبب تمسكها بها قائلة
ماهي مش هاتفضل على طول في القرف ده وافق انت بس وأنا هاتصرف بعدها!
رد عليها بنبرة حاسمة وهو يتحرك صوب باب الغرفة
أما يجي وقته!
ابتسمت قائلة بود
طب يا حبيبي على راحتك!
ثم خرجت خلفه وهي تتابعه بنظرات متريثة لكنها كانت متحمسة لكون الفكرة قد لاقت استحسانا لديه وما عليها فقط إلا التريث والانتظار ريثما تنتهي عدة نيرمين لتفاتحها في الزواج من ابنها...
أغلقت شادية باب المنزل خلفها واتجهت صوب الصالة لتجلس على أقرب أريكة وعلى وجهها علامات جادة للغاية علقت أنظارها بابنتها ولاء التي كانت تبحث عن هاتفها المحمول في حقيبة يدها وما إن وجدته حتى هاتفت زوجها مازن فبعد أن عادت من زيارة عيادة الطبيب النسائي كان حتما عليها الاتصال به لتبلغه برأيه النهائي في مسألة التخلص من الجنين الذي ينمو في أحشائها..
سألها مازن مهتما بعد أن رد على اتصالها
ها عملتي ايه
أجابته بصوت قاتم
الدكتور قالي صعب أعمل اجهاض
رد مستنكرا صعوبة تنفيذ تلك العملية
ليه يعني مافيش كام برشامة تاخديها وينزل مع نفسه
اغتاظت من استهوانه بالأمر وصاحت بصوت محتد
هي بالبساطة دي عندك
أنا مفكر يعني الموضوع سهل!
هتفت قائلة بحدة
لأ مش سهل خالص!
ثم صمتت لتلتقط أنفاسها قبل أن تتابع بصوت متردد
وأنا..... أنا مش عاوزة
توقع مازن أن تتفوه بهذا فحديثها السابق ما هو إلا مقدمات لنية مبيتة على التمسك بالجنين..
لذلك رد عليها بفتور
براحتك شوفي اللي عاوزاه واعمليه!
ثم زاد من قوة نبرته ليضيف محذرا
بس افتكري كلامي لما....
قاطعته قبل أن يتم عبارته قائلة بصوت متشنج
مازن أنا لو عملت اجهاض ممكن مخالفش تاني
تعجب من كلامها وسألها مستغربا
نعم ليه إن شاء الله
أجابته بصوت محتد
الدكتور قالي إنه فيه خطۏرة عليا وأنا مش مستعدة أخسر حياتي عشان حاجة زي دي!
صمت مازن ولم يضف المزيد فهي بحديثها هذا تظن أنها وضعته في خانة اليك لتضغط عليه لكنه على العكس تماما لم يكن مكترثا بما تفعله ففي النهاية هو في تحد مع غريمه دياب ولن يعبأ إلا بما يكدره ويعكر صفو حياته حتى لو كان للأمر علاقة بولاء..
لاحظت هي صمته الذي طال فسألته بضيق
سكت ليه
رد عليها بصوت جاف
اللي انتي عاوزاه اعمليه يا ولاء!
سألته بتوجس وهي تستشعر الخطړ
طب ودياب
رد عليها بتساؤل موجز يحمل الضيق
ماله
هتفت متسائلة بتوتر
هانتصرف معاه ازاي
صمت للحظات تاركا إياها تظن أنه يفكر في حل للمشكلة ولكنه صدمها بعد ذلك بالرد بجمود بارد
بصي يا ولاء أنا عندي شغل دلوقتي هاكلمك بعدين نتفاهم!
اغتاظت من رده الغير شافي وتمتمت بصوت محتقن
ماشي براحتك!
ثم أنهت المكالمة معه وألقت بهاتفها على أقرب أريكة..
نفخت بحنق وهي تدور بحيرة في أرجاء الغرفة مرددة من بين شفتيها بشراسة
مش هتعرف تتهرب مني يا مازن! احنا سوا في الليلة دي لحد الأخر!
هزت شادية ساقها الموضوعة على الأخرى بحركة ثابتة وهي تتابع المكالمة الدائرة بين ابنتها وزوجها فقد أصرت على
أن تجريها أمامها لتعرف بنفسها ردة فعل زوجها..
وصدق حدسها..
رمقت هي ابنتها بنظرات مزدرية قبل أن تقطع صمتها الإجباري قائلة بتوبيخ
جالك كلامي مش قولتلك من الأول إنه ندل!
زفرت ولاء بإحباط ودست أصابعها في فروة شعرها المتناثر لتنفضه بعصبية وهي تتساءل
اتصرف ازاي دلوقتي
توقفت شادية عن تحريك ساقها ثم أخفضتها لتتمكن من النهوض..
أصبح وجهها خاليا من التعابير لكن نظراتها كانت مليئة بالوعيد..
ردت على ابنتها بثقة جادة
مش انتي اللي هاتعملي حاجة ده دوري!
سألتها ولاء بتوجس وهي تضم ذراعيها معا أمام صدرها
ناوية على ايه يا ماما
أجابتها شادية بغموض
على الصح يا ولاء!
لفت حنان الشال الحريري المغزول يدويا حول عنقها ليعطيها بعض الدفء رغم اعتدال حرارة الجو لكنها كانت تشعر ببرودة خفيفة ټضرب في جسدها المرهق ربما نتيجة السفر وتغير الجو فأصيبت بأعراض البرد لم ترغب في إثارة قلق ابنتها فعمدت إلى الوسائل القديمة والدائية في التدفئة من أجل التعرق وإخراج الحرارة الزائدة من الجسد..
أكملت بعد ذلك وضع حجابها على رأسها وأمسكت بحقيبتها لتتفقد ما بها من أموال ثم أسندتها على حجرها وقعت عيناها على حافظة نقودها الجلدية فمدت يدها لتسحبها للخارج لتنظر بها.
كانت تضع في داخلها عدة صور مختلفة أخرجتهم بحذر لتتأملهم بنظرات مشتاقة جمعتها الصورة الأولى مع زوجها الراحل وابنتهما أسيف وهي في عمر مبكر..
ابتسمت بعفوية وهي ترى صغيرتها متشبثة بها بيد وجاذبة لياقة أبيها بقبضتها الأخرى ضحكتها كانت بريئة صافية تسلب الألباب وتآسر القلوب تنهدت بعمق وأزاحت الصورة لتشاهد التالية الموجودة خلفها كانت لأسيف وهي في المرحلة الثانوية بعد أن تحجبت.
لازل وجهها يحتفظ بملامحها الصغيرة رغم بلوغها..
ابتسمت لها وأكملت تطلعها في الصورة الثالثة والتي التقطتها في استديو التصوير أثناء تقديم أوراقها للإلتحاق بكلية الزراعة..
تذكرت رغبتها آنذاك في الانضمام لتلك الكلية خصيصا لتعاون أبيها في أعماله بأرضه على
متابعة القراءة