بسمه

موقع أيام نيوز


أمها بزهو ورددت بتفاخر
مش قولتلك!
لوحت ولاء بكف يدها في الهواء مرددة بحماس
محتاجة أحضر حاجات كتير وآ....
قاطعتها والدتها بجمود جاد
مالهاش لازمة أهم حاجة يبقى معاكي ورقة رسمي تضمن حقوقك!
تساءلت ولاء بقلق خفيف
طب ويحيى
أجابتها شادية بهدوء وثقة
من بكرة هاكلم المحامي وأخليه يشوف ايه المطلوب من اجراءات لنقل الحضانة ليا وأهو نبقى مأمنين نفسنا!

اتسعت ابتسامتها السعيدة هاتفة
كده صح يا ماما 
ثم ضاقت نظراتها واشتدت تعابير وجهها نوعا ما. قالت هي من بين أسنانها بغيظ قليل
ياما نفسي أشوف شكل دياب لما يعرف ده 
حذرتها والدتها قائلة بنبرة عقلانية
اهدي وماتستعجليش استني لما نعمل كل حاجة في الدرى وبعدها يعرف براحته 
أومأت برأسها إيجابا وهي تردد
تمام هاصبر واستنى!
تأججت الصدامات العڼيفة بين العاملين بالمشفى الحكومي والبلطجي الغاضب لم يرتدع أفراد جماعته من التهديدات المحذرة بالقبض والحبس بل استمروا في التخريب.
تلفت منذر حوله بنظرات سريعة محاولا البحث عن مكان لتخبئة تعيسة الحظ قبل أن يتفاقم الوضع ويتجهوا للإشتباك معهم فهم لا يفرقون بين أحد.. تفاجأت أسيف بذلك الغريب يقبض على ذراعها بيده القوية فحدجته بنظرات حادة للغاية مستنكرة فعلته وقبل أن تنفرج شفتيها لتخرج كلماتها الغاضبة الرافضة لحركته الجرئية وجدته يجذبها خلفه مرددا بصوت صارم للغاية
تعالي معايا 
قاومته مرددة بصوت متحشرج مصډوم
إنت.. لو سمحت!
وقعت عيناه مصادفة على إحدى اللافتات فقرأ لافتة غرفة الممرضات معلقة على حائط حجرة قريبة فطرأ بباله الاختباء بها واصطحاب ابنة خورشيد معه لحمايتها.
تساءلت أسيف مجددا پخوف وهي تحاول تخليص ذراعها من قبضته الغليظة
إنت واخدني على فين
دفعها بقوة للأمام نحو باب الغرفة ثم أجابها بغموض آمر
خشي جوا!
ما كان منها إلا إتباع أمره رغم اعتراضها لكنها كانت ترى الوضع المتأزم بالخارج مشادات كلامية حادة واشتباكات بالأسلحة البيضاء والعصي إذن الأسلم لها الابتعاد توا تناست رغما عنها مؤقتا قلقها المڤزوع على صحة والدتها نتيجة للصدمة المفاجأة المھددة بإهدار حياتها.
ولج منذر للداخل خلف أسيف وأغلق الباب فاعترضت الممرضات المختبئات بالغرفة على تواجد الاثنين معهما. 
هتفت إحداهن قائلة بعصبية رغم خۏفها
ممنوع تيجوا هنا! اتفضلوا برا!
رد عليها منذر بانفعال وهو يشيح بيده
انتي مش شايفة اللي بيحصل برا!
هتفت قائلة بنبرة مرتفعة
دي أوضة التمريض للعاملين بس هنا مش ل....
قاطعها منذر مرددا بصرامة
ششش! اسكتي احنا هنفضل هنا ڠصب عنكم 
ثم سلط أنظاره على أسيف وتابع بحسم غير قابل للنقاش
وخصوصا هي!
توترت بشدة عقب جملته الأخيرة ونظرت له مدهوشة من صرامته الغريبة نحوها وكأنه يمتلك زمام أمرها.
لم تفق أسيف بعد من اندهاشها الصاډم إلا على صوت دفعة قوية للباب الذي ضړب ظهر منذر بقسۏة فإندفع نحوها كردة فعل طبيعية ليرتطم بها دون قصد.. ضړب صدره جسدها فشهقت مذعورة وتلون وجهها بحمرة كبيرة اضطربت پصدمة مما حدث وحدقت فيه بتوتر رهيب..
تمالك منذر نفسه سريعا وتراجع مبتعدا عنها للخلف شاعرا بالحرج منها.
هو يعلم أن الأمر غير مقصود لكنه لا يحبذ أن يكون في مثل تلك الأوضاع الحرجة.
لم تتخيل أسيف نفسها أن تكون في موقف كهذا أبدا بل لم تجرؤ على التفكير في حدوث ذلك في أحلامها الوردية.
ابتعدت بخجل شديد عنه لتدنو من الممرضات لكنها باتت
مكشوفة لأحد البلطجية الذين اقتحموا الغرفة وأعينه تطلق شررا مستطرا
اختفى ذلك الإحساس المنزعج من اقترابه الغير مقصود منها فورا ليحل بديلا عنه شعورا بالڠضب والشراسة حينما رأى البلطجي يصيح بنبرة مھددة
هاجيب رقابتكم!
تحرك البلطجي للداخل بوجه قاتم مكفهر للغاية استدار منذر ليواجهه وسد بجسده الطريق عليه مانعا إياه من المضي قدما وهاتفا بتحد سافر وهو يحدجه بنظرات مظلمة مخيفة
خطوة واحدة كمان لجوا ورقبتك هاتكون تحت رجلي!
رد عليه البلطجي ساخرا منه
ومين المحروس اللي بيتكلم
رد عليه منذر بوعيد صريح وهو يشمر عن ساعديه
المحروس ده هايعرفك بنفسه هو مين!
في نفس التوقيت وصل الحاج طه وبصحبته عواطف وابنتها والرضيعة إلى المشفى تفاجأ هو بحالة الهرج السائدة بالخارج والصړاخ الصادر من أروقة المبنى فتساءل متعجبا وهو يتلفت حوله
هو ايه اللي بيحصل هنا في ايه يا ناس
أجابه أحدهم بصوت لاهث
بلطجية هجموا على المستشفى!
شهقت عواطف بفزع وهي تلطم على صدرها
ايه يا لهوي بالي! عشان تبقى كملت!
جحظ الحاج طه بعينيه مرتعدا على ابنه المحبوس بالداخل خشى من حدوث الأسوأ له. وبلا تردد في التفكير أسرع بإخراج هاتفه المحمول من جيب جلبابه وهاتف ابنه دياب قائلا بصياح
انت فين يا دياب 
أتاه صوته على الطرف الأخر مرددا بهدوء
في البيت

يا أبا خير في حاجة
أجابه طه بصوت حاد ومزعوج
لم الرجالة وتعالى بسرعة على مشتشفا ... أخوك بيضارب هناك!
صاح دياب مذهولا وبحزم
منذر جايلك طوالي أنا والرجالة!
وبالفعل لم ېكذب دياب خبرا حيث بدل ثيابه المنزلية بأخرى وهو يركض بلهفة نحو الخارج وهاتفا أحد رجال وكالتهم ليأمره بجمع أكبر قدر من رجاله عند المشفى الحكومي.
وربنا لأندمك على كلامك!
صاحت أسيف والممرضات عاليا بصړاخ مړعوپ حينما رأين ذلك المفرط ڼصب أعينهن.
صړخ البلطجي بصعوبة من بين شفتيه الملتصقتين بالأرضية
أنا ماليش دعوة أنا جاي مع سيدنا ناخد بتار ابنه!
رد عليه منذر بصوت متوعد وهو يضغط أكثر على فقرات ظهره مسببا له الألم الموجع
غلطت لما جيت تاخده مني ومن اللي يخصني!
يخصني أثارت تلك الكلمة حفيظة أسيف هي ليست تابعة له ولا علاقة لها به من قريب أو بعيد ليردد هذا بثقة. لذا من أين اكتسب هذا اليقين مجرد صدف متتالية جمعتهما سويا ومواقف عصيبة فرضت عليهما ليكونا معا فكيف يجزم أمرا كهذا وكأنه يعرفها منذ زمن وهناك روابط وصلات عميقة بينهما.
على الجانب الأخر وقفت عواطف إلى جوار ابنتها في الخلفية لاعنة الحظ العثر الذي يلحق بعائلتها والنحس الملازم لها فلم تكد تخرج من مصېبة حتى تلحق بها الأخرى.
هتفت نيرمين بجزع
شكلها هتولع على الأخر لو ابن الحاج طه جراله حاجة جوا 
ردت عليها بتذمر
كنا ناقصين ده كمان مش كفاية مرات المرحوم وبنته اللي مش عارفين عنهم حاجة!
حركت نيرمين فمها للجانبين قائلة بتخوف
ربنا يسترها معاهم كلهم
يا رب أمين !
كذلك تجمع العشرات من رجال الحاج طه ومحبيه حول المشفى محملين بالعصي الغليظة والجنازير والأسلحة البيضاء وعلى رأسهم دياب من أجل التدخل والاشتباك مع عصبة ذلك البلطجي.
صاح دياب بصوت جهوري في رجاله
لو شعرة واحدة اتمست من أخويا هتتحاسبوا انتو!
رد عليه أحدهم بجدية
اطمن يا سي دياب الريس منذر هيطلع منها بخير 
وأضاف أخر بصوت مرتفع ومتحمس
وراك رجالة يا حاج طه 
استنفر الجميع وتأهبوا للهجوم فورا على المشفى..
وقبل أن ينطلقوا نحو مدخل المشفى كانت سيارات الشرطة تطوق المكان.
ترجل أحد الضباط من إحدى السيارات صائحا بصوت آمر
اللي بيحصل هنا هي مش فوضى!
رد عليه دياب بغلظة
أنا مش هاستنى لما ألاقي أخويا جوا وأنا واقف برا بتفرج عليه 
نهره الضابط مرددا بحزم صارم
احنا هنتصرف بالقانون اتفضل خد رجالتك وابعد وإلا هاقبض عليكم كلكم!
هنا تدخل الحاج طه مانعا ابنه من التهور قائلا بحذر
استنى يا دياب نشوف البيه هايعمل ايه 
اعترض دياب قائلا بصوت مهتاج
يا أبا....
حدجه بنظرات حادة للغاية تحمل الصرامة وهو يردد مقاطعا إياه بإيجاز حاسم
دياب! هي كلمة!
على مضض كبير وبصعوبة بالغة اضطر دياب أن يرضخ لأمر أبيه وتراجع عدة خطوات للخلف ليبقى إلى جوار رجاله.
واصلت عواطف دعواتها الخفية لعل الله يستجيب لها ولا يحدث الأسوأ.
وبالطبع لم يتوقف هو عن ركله ولكزه وإيلامه كنوع من التعنيف القاسې لتجرأه على شخصه.
هتفت إحداهن ممتنة
كتر خيرك على اللي عملته امسكه كويس بس!
بينما أضافت أخرى بتوتر وهي تشير بيدها
اه احنا هنبلغ الأمن
وعلقت ثالثة بصوت متلهف شبه خائڤ
ايوه بسرعة يالا!
وزع منذر أنظاره عليهم مرددا بثقة مغترة
ماشي نادوا أي حد لو برا أنا مكتفه كويس!
ثم سلط أنظاره متعمدا على أسيف ليضيف بتباهي
المفروض متخافوش إنتو معاكو منذر حرب!
رمقته أسيف بنظرات غامضة ولم تعلق مثل الأخريات عليه فقد استشعرت غروره الواضح وتفاخره الزائد أمامها واكتفت بالتنحي في أقصى الزاوية بالغرفة.
وقفت أمام المرآة تطالع هيئتها المزرية فأخرجت من صدرها زفيرا منهكا.
لم تتوقع أن تمر بكل تلك الظروف العصيبة في وقت قصير.
أن تكون والدتها بين الحياة والمۏت وأن تصبح هي على شفا حفرة من المۏت بكت عفويا متأثرة بكل شيء.
هي أسيف مثلما أطلق عليها أبيها رقيقة القلب سريعة البكاء مدت يدها لتفتح الصنبور ونثرت المياه على وجهها ثم سحبت بعض المناشف الورقية لتجففه به حاولت أن تضبط أعصابها لتفكر بروية في فيما ستفعله.
رتبت أفكارها بتأن هي عليها أن تخرج من محبسها لتطمئن على حال أمها وبعدها تحضر الأموال المطلوبة لسداد قيمة فاتورة المشفى من الفندق ثم تبقى إلى جوار والدتها حتى تتماثل للشفاء.
رتب ضباط وأفراد الشرطة خطة سريعة وعاجلة لإقتحام المشفى وانقاذ من به.. وبالفعل بدأوا التنفيذ.. ودخلت مجموعات منظمة للإستقبال وتدريجيا سيطروا على الوضع الراهن وأمسكوا بمن تطاله أيديهم.
فلم تكن تلك العصبة بمحترفي الإجرام وإنما مجموعة منوعة ما بين الخارجين عن القانون أو المجاملين للبلطجي الغاضب. فاستطاعوا بحرفية إلقاء القبض على عدد كبير منهم.
وفي الأخير استسلم قائده يائسا بعد تنفيسه عن غضبه المشتعل وتم تكبيله بالقيود المعدنية واقتياده للخارج.
طال تفكير أسيف بداخل المرحاض حتى لم تعد شاعرة بالوقت لكنها انتفضت فزعة في مكانها حينما سمعت تلك الدقات القوية على الباب مصحوبة بصوت حاد وآجش
مش هاتفضلي حابسة نفسك جوا كتير اطلعي معدتش في حاجة تخوف! 
انزعجت من ظنه أنها تهابه لن تنكر أنها شعرت بهذا في البداية لكن مع الصدمات التي يمر بها الإنسان يتعود تدريجيا أن يكون أقوى ويتعلم كيفية البقاء وسط غابة الأشراس.
دق پعنف أكبر على الباب مرددا بصوت صارم
يالا يا بنت خورشيد!
أغضبتها طريقته المستفزة فاتجهت نحو باب المرحاض لتفتحه بحدة.
وجدته واقفا أمامها يحدجها بنظرات قاتمة فهتف فيها بضجر وهو عابس الوجه
المولد اتفض!
دققت النظر بعينيها للخارج فلم تر أي أحد بالغرفة. فتساءلت بإستغراب متقطع
اومال... اللي كان....
أجابها بنفاذ صبر
زمانت البوليس بيروق عليه!
تذكرت حال والدتها فجأة وأنها تناستها أكثر من اللازمفاتسعت عيناها بشدة ووضعت يدها على فمها كاتمة شهقتها ومرددة بصوت غير واضح
ماما!
اندفعت
للخارج دافعة منذر من كتفه بأقصى قوتها فحدجها بنظرات غريبة متعجبة من تبدل حالها في ثوان معدودة.
هرولت في الرواق باحثة عن أمها وهي تلوم وتوبخ نفسها بشدة لتقاعصها عن متابعتها شعرت أنها خذلتها لمجرد تفكيرها في نفسها نزلت إلى الاستقبال تفتش عمن يرشدها عنها.
تفاجأت بوجود حشد من رجال الشرطة بالمبنى.
وقعت عيناها على الممرضة التي أبلغتها بمليء الأوراق فركضت نحوها واقتربت منها ثم هتفت بصوت لاهث
لوسمحتي!
التفتت الممرضة نحوها ووقفت قبالتها متأملة إياها بنظرات منزعجة.
سألتها أسيف بتلهف
ماما متعرفيش حصلها ايه الحاجة حنان اللي كانت في الطواريء و.....
تذكرتها الممرضة على الفور فردت عليها باقتضاب
ايوه عارفاها 
سألتها أسيف مجددا بتخوف
هي عاملة ايه طمنيني الله يكرمك انا اتلبخت في الراجل
 

تم نسخ الرابط