رحله اثام
المحتويات
اهتمامه بشأنها فقال بتحيز
بس مش بالشكل ده مهما كان دي أم بناتي عايزهم يتربوا من غير أم
عقب عليه في تهكم مستفز
إذا كان هما طول اليوم أعدين مع المربية صح ولا أنا غلطان
وقبل أن يحتج أكثر كنوع من حفظ ماء الوجه بادر بالاقتراح المغري ليضمن التأثير عليه
وبعدين أنا هجيبلك أحسن واحدة تربيهم وإنت تعيش حياتك ده غير المميزات التانية اللي هتاخدها وإنت عارفني يا إما برفع اللي معايا لسابع سما أو أمحيه من على وجه الأرض.
بعد صمته المدروس
طيب سيبلي الورق ده وأنا هشوف هتصرف إزاي.
اتسعت ابتسامته المنتصرة أكثر وهو يمتدحه
صحح له مشيرا بإصبعه قبل أن يجمع الأوراق المتناثرة هنا وهناك ليسويها
ما هو كله بحسابه في الآخر!
بعدئذ نهض مهاب من موضع جلوسه زرر سترته ثم مد يده ناحيته ليصافحه كتأكيد صريح ونهائي على اتفاقهما في المضي معا في وضع تفاصيل هذه الخطة الخبيثة وإن كان في تنفيذها ټدمير الأبرياء!!!
يتبع الفصل التاسع والثلاثون
ما لا يمكن الاحتفاظ به
كان اليوم مشحونا منذ مطلع النهار خاصة مع اعتذار المربية عن القدوم اليوم لممارسة مهامها المعتادة في رعاية الصغار لهذا اضطرت تهاني لاصطحاب أطفالها معها وتركهم بالمكتب ريثما تنتهي من جدول أعمالها المزدحم. نهضت من خلف مقعدها بعدما جمعت الأوراق المطلوب إرسالها لمعمل التحاليل وابتسمت لصغيرها قائلة في صوت حنون لكنه لا يخلو من الحزم
اكتفى بهز رأسه وهو يدير رأسه لينظر إلى شقيقتيه التوأم بنظرات جادة ليعاود التحديق فيها فوجدها تتحرك صوب باب الغرفة قبل أن تضع يدها على المقبض لتفتحه وجدت زوجها يسبقها تبسمت لرؤياه وقالت في سرور لا يمكن إنكاره
ممدوح! إنت مش كان وراك آ...
قاطعها قبل أن تتم جملتها متسائلا بوجه جاد التعبيرات ونبرة أقرب للجدية
عقدت حاجبيها مجيبة إياه
أيوه.
سار نحو الداخل متابعا كلامه ونظرة مزعوجة سددها نحو أوس
طيب أنا اتصرفت في مربية معرفة حد من زمايلي هي هتيجي البيت دلوقتي تقعد بيهم أنا هاخدهم.
مدت يدها لتستوقفه من ذراعه وهي تسأله
وأوس
انتشل يدها من على ذراعه متعللا في وجوم وكأنه يرفض بشكل غير مباشر أخذه
ما إنتي عارفاه مابيسمعش الكلام ولا أنا بقدر أسيطر عليه.
والعمل هسيبه هنا لواحده ده صغير وآ..
قاطعها للمرة الثانية مرددا
بصي هكلم أبوه يتصرف وهو عنده بدل الخدامة عشرة!
استحسنت اقتراحه وقالت في تأييد
أوكي يكون أحسن برضوه.
تقدم ممدوح نحو رضيعتيه ليجر العربة التي تضمهما بعدما منحهما قدرا من الحب والاهتمام ليلقي بعدها بنظرة كارهة إلى الصغير أوس قبل أن يميل برأسه عليه ليهمس له في شيء من الحقد
خليك لواحدك محدش طايقك.
في قرارة نفسه كان ممتنا لذهابه فتواجده معه مؤخرا كان يسبب له الكوابيس والمزيد من مشاعر الخۏف والقلق.
ما إن ابتعد حتى تنفس الصعداء وبدا مسترخيا لرحيله لم تلحظ تهاني ما يصيب ابنها من تبدل أحواله بمجرد أن يصبح قريبا من زوجها وظنت كما يدعي الأخير أن ما يدور بينهما نوعا من العناد الطفولي والاستفزاز الأبله لذلك لم تعر الأمر الاهتمام الكبير. مرة أخرى عادت إلى ابنها لتخاطبه في ودية
حبيبي أنا رايحة مع عمو ممدوح وجيالك تاني.
لم ينبس بكلمة فداعبت شعره وتركته لتلحق بزوجها فظل بمفرده متنعما بالبقاء دون الشعور بأنه مراقب وتحت الټهديد.
في سعيه للاڼتقام والتخلص من الأخطار المحتملة لم يكف مهاب عن التفكير في كافة السيناريوهات المقترحة لتنفيذ الأفضل منها في أقرب وقت. دبر لهذا اللقاء مع أحد أتباعه المخلصين بداخل مكتبه تناقش معه حول كافة التفاصيل ليسأله للمرة الأخيرة وهو يحدجه بهذه النظرة المتشككة
إنت متأكد إنك هتقدر تعمل كده
أكد عليه بيقين واضح
أومال يا باشا.
حذره مهاب مشيرا بإصبعه وبلهجة لم تكن متساهلة
أنا مش عاوز شوشرة ولا قلق ولو اتكشفت أنا معرفكش.
بنفس الثقة الكبيرة أخبره
يا باشا اطمن ولا حد هيدرى بأي حاجة وحتى لو وقعت أنا اللي هشيل الليلة.
لم يبد مقتنعا تماما بذلك ومع هذا غمغم باقتضاب
أما أشوف.
ثم مد يده داخل درج مكتبه المفتوح ليخرج مغلفا أبيض اللون ناوله إياه وهو يتساءل
هتنفذ امتى
في التو التقط المظروف منه وقال في شيء من الابتهاج
يدوم يا باشا وقت ما ألاقي اللي عليهم العين موجودين في المكتب.
حرك رأسه بخفة وخاطبه بنفس النبرة الجادة
اتفقنا ولما تخلص ليك أدهم.
انتشى داخله وهتف وهو يطوي المظروف ليضعه في جيب بنطاله الجينز
من يد ما نعدمهاش.
أشار له مهاب بعدها لينصرف وهو يأمره
يالا من هنا مش
عايز حد يشوفك.
طأطأ رأسه قائلا وهو يلوح بيده في الهواء ليحييه
حاضر.
ظل مهاب محتفظا بتعابيره القلقة بالرغم من ذهاب هذا الرجل فلا مجال للعودة أو الخطأ إن مضى في هذا الأمر.
نظرا لضيق الوقت وقلة العمالة الخبيرة تعذر عليها توفير مربية أخرى جديدة ومتمرسة في مجالها كبديلة عن تلك التي اعتذرت عن العمل ورغم إرسال صغيرها إلى أبيه ليمكث معه بضعة أيام إلا أنه أعاده إليها لانشغاله هو الآخر بواحد من المؤتمرات التي تتطلب سفره للخارج. كعادته جلس أوس على الأريكة الجلدية ذات الحجم المتوسط ينظر بتأمل وفي صمت إلى ما أحضرته والدته من معدات وأدوات طبية لم يكن قد رآها سابقا. شعر بالعطش وحړقة طفيفة في جوفه فمد يده ليمسك بكوب الماء حتى يرتشف منه القليل. غص الماء في حلقه حينما فتح الباب فجأة لذا سعل وارتجفت يده فسقط الكوب وتناثر محتواه على بنطاله ذي اللون الزيتوني فابتل غالبيته.
انزعج أوس لأنه تسبب دون قصد في هذه الفوضى وقد يتلقى التوبيخ لطيشه ومع ذلك لم تكن والدته على نفس القدر من الضيق اندفعت تجاهه وچثت على ركبتها أمامه بعدما أجلسته وهي تبتسم مدت يدها لتمسح على وجنته بنعومة ثم خاطبته في ودية
حبيبي متخافش مافيش حاجة حصلت.
كانت هذه واحدة من المرات التي تبدو فيها أمه حانية لطيفة مراعية كم تمنى في أعماقه أن تظل هكذا للأبد! نهضت من جلستها غير المريحة وقالت وهي تشير بيدها نحو غرفة جانبية صغيرة ملحقة بمكتبها
أنا هجيبلك شورت تاني نضيف بدل ده...
ما لبث أن بدت نبرتها شبه محذرة وهي تختتم عبارتها
بس ما تتحركش من مكانك وما تلعبش في حاجة.
هز رأسه في طاعة فداعبت رأسه في لطافة واتجهت إلى الغرفة الأخرى ليبقى أوس جالسا على الأريكة سرعان ما تحولت عيناه إلى الباب عندما أطل منه أكثر من يبغض وهو يدفع أمامه عربة التوأم. ضاقت نظراته وزم شفتيه في عبوس صريح. لم يقل حال ممدوح عنه كان مستاء ومتأففا لرؤيته هو الآخر شتت بصره الحاد عنه ليلصق بشفتيه ابتسامة مصطنعة مخاطبا زوجته بنبرة مرتفعة نسبيا
حبيبتي.
تفاجأت تهاني بوجوده وخرجت إليه متسائلة في دهشة
ممدوح إنت بتعمل إيه هنا
على حسب ما رتب كلاهما كانت الرضيعتان تمكثان بصحبة إحدى المربيات في مكان قريب من المشفى طوال فترة النهار إلى أن تفرغ تهاني من عملها فتذهب إليهما وتأخذهما إلى المنزل لذا ظهرت آثار المفاجأة على ملامحها حينما وجدتهما مع زوجها تدلى فكها للأسفل للحظة قبل أن تستجمع نفسها وتتساءل بصوت لا يخلو من الدهشة
إنت جايب البنات معاك إيه اللي حصل
تنهد في سأم وأجابها
اعتذرت ومجاتش.
تعقدت تعبيراتها متسائلة باستغراب قلق
ليه
أجابها وهو يدفع العربة أكثر للداخل
عندها دور برد شديد وخاېفة لأحسن تعدي البنات.
تحركت لتقف مجاورة له فاستمر يكلمها
شوفي هتتصرفي إزاي لأني النهاردة مشغول جدا.
منحت الرضيعتين نظرة حنون
وهي ترد
حاضر.
الټفت ممدوح ناظرا بنظرة قاتمة إلى أوس وصل مغزاها إلى الصغير قبل أن يدير رأسه متسائلا في صوت خاڤت
هو ابنك هيقضي اليوم معانا
أجابته وهي تهز كتفيها
ما أبوه سافر مع مراته ومش هينفع يفضل لواحده.
برطم ممدوح في همهمة غير مسموعة
أه طبعا مصلحته أهم.
من جديد ركز انتباهه مع تهاني عندما أضافت في لهفة أمومية
وبعدين هو وحشني أنا بقالي كام يوم ماشفتوش ومصدقت إن مهاب وافق يخليه معانا فترة.
قال على مضض وبابتسامة سخيفة
وماله.
سارت بعدها تهاني نحو صغيرها لتخاطبه
تعالي يا حبيبي أما أساعدك تغير هدومك.
وكأن في ذلك إهانة فجة إليه رفض عونها واجتذب منها
السروال صائحا في تذمر
أنا كبير وبعرف لواحدي.
نظرت له بدهشة قبل أن تقول باسمة
طبعا إنت كبير بس لو احتاجت أي مساعدة أنا موجودة.
بنفس التجهم الشديد قال وهو لا ينظر إليها
مش عاوز.
ثم أكمل مشيه المتعجل نحو الغرفة الجانبية ليبدل ثيابه بالداخل وهذا الشعور الحانق يستعر في صدره ليس لأنه يبغض زوج أمه فقط بل لأنه على وشك معايشة شعور الإهمال والإقصاء جانبا.
في تلك الأثناء دار أحدهم حول محيط غرفة المكتب بضعة مرات ليتأكد من وجود جميع أفراد الأسرة معا ما إن تأكد من اجتماعهم وبقائهم بالداخل لوقت لا بأس به حتى تلفت حوله ليضمن عدم متابعة أي شخص لما هو على وشك القيام به. اعتلى ثغره ابتسامة مغترة وهو يحادث نفسه بعزم
حلو أوي الباشا موصيني أظبط كل حاجة ولو اللي طلبه اتنفذ بالملي هبقى راجله ودراعه وساعتها الدنيا هتزهزه وهنول الرضا.
تحمس كثيرا لأداء مهمته المنوط بها فتوارى عن الأنظار مترقبا اللحظة المناسبة للتسلل إلى الداخل والتخلص من الجميع.
أكثر ما كان يستثير أعصابه ويستفزه هو رؤيته لوالدته تتمرغ في أحضان ذلك الغريب عنه بكل هذا الخنوع والإذلال خاصة حينما يتعامل معها بقدر من القسۏة الممزوجة بالإغراء وكأن في ذلك نوعا من الإغواء لها. من فرجة الباب المواربة شاهد أوس أمه و
أنا حاسة إني في حلم جميل كل اللي بحبهم حواليا...
ثم طافت بنظراتها الشغوفة على كل فرد على حدا وكأنها تخصه وحده بالكلام
إنت وأوس وبيسان وليان.
ما لبث أن غلف صوتها رنة من القلق عندما أكملت
خاېفة أفوق من الحلم ده على كابوس.
توجس خيفة أن تكون قد استشعر ما رتب له في وقت سابق مع رفيقه لتوريطها فيما لم ترتكب حاول أن يتسلح بهدوئه وقال وهو يرفع يده ليمسد على رأسها
ماتقلقيش طول ما أنا جمبك يا حبيبتي.
ظلت على توترها وهي تسترسل بأريحية
إنت عارف صاحبك مش بالساهل نديله الأمان وخصوصا إننا عارفين كل حاجة عنه وهو عاوز يفضل بصورته التانية المثالية قصاد مراته.
التوى ثغره معلقا
مسيرها تعرف حقيقته.
وافقته الرأي قائلة
أيوه معاك حق هو ما يقدرش يفضل الملاك الطاهر كده كتير.
هز رأسه مؤيدا جملتها وزاد عليها بنزق ندم عليه لاحقا
وبعدين مهاب بيعمل اللي بنصحه بيه وهو دلوقتي محتاجني.
ارتابت في قوله وتساءلت بعينين مستفهمتين
ليه
تعلل كڈبا بحجة رجا
متابعة القراءة