رحله اثام

موقع أيام نيوز

ومع هذا ظل مهاب على جديته الصارمة فأمره
ممدوح قفل على السيرة دي أنا مش عايز مشاكل مع ناريمان....
وليبدو أكثر إقناعا تعلل كڈبا
وخصوصا إنها حامل...
وكأن كلمته الأخيرة وقعت على رأسه كالمطرقة حيث ذهل كليا وردد في غير تصديق
حامل!
أكد له بجدية شديدة لئلا ينكشف أمره
أيوه حامل في الأول ولا إنت شاكك في قدراتي ولا إيه
ظلت علامات الصدمة واضحة على تعابيره وقال وهو يفرك جبينه
لأ أنا واثق إنك تقدر تجيب بدل العيل عشرة بس إنت معرفتنيش بده.
تقوس فمه في امتعاض قبل أن يحرجه بوقاحة
لأنه مايخصكش!
ارتفع حاجبه للأعلى بغيظ فتجاهل مهاب ما بدا على وجه رفيقه واستمر يوبخه
وبعدين كفاية أوي اللي حصل منك إنت ومراتك في بيتي آخر مرة.
لم يبق طويلا على بروده بل بدأ غليل نفسه يطغى عليه ورد بتحفز
وعرفت ألم
الدور ومحدش حس بحاجة.
في شيء من التحذير علق عليه
بس مش كل مرة تسلم الجرة مش بيقولوا كده في الأمثال!!
استهزأ به ممدوح بقوله السخيف
معقولة بقيت تخاف من تهاني قلبك ضعف ولا إيه
كاد أن يلزمه حده بجملة صارمة لولا أن اقټحمت ناريمان المكتب فجأة بظهورها غير المخطط له لتحل الصدمة المشوبة بالتوتر على وجه مهاب كان في مأزق خطېر كل شيء بات مهددا بالكشف عنه والاڼهيار. رغم الحنق المسيطر إلا أنه بذل الكثير من الجهد ليضبط انفعالاته ولا يظهر تأثره بحضورها الغريب. نظرت ناريمان إلى الجالس مع زوجها وخاطبته في لهجة رسمية عكست إلى حد كبير عن ضيقها لتواجده في هذا الوقت تحديدا
دكتور ممدوح! سوري مكونتش أعرف إنك هنا.
تحرك الأخير تجاهها بعدما نهض من مكانها ليصافحها قائلا بودية زائدة وهذه الابتسامة اللبقة تزين محياه
ناريمان هانم ده من حسن حظي إني أشوفك.
لم يترك كفها بل رفعه إلى فمه ليقبله متابعا كلامه إليها
مبروك.
نظرت له باستغراب حائر فتدخل مهاب على الفور هاتفا بصوت لا يخلو من الارتباك
حمدلله على السلامة يا حبيبتي...
جذبها ناحيته ليعانقها وتابع في عتاب رقيق
مش كنتي تعرفيني إنك جاية علشان أروح استقبلك بنفسي
تجاهلت ما فاه به لتسأله بتحفز واضح
فاضي شوية
ألصق بثغره ابتسامة عذبة وهو يخاطبها
ولو مش فاضي يا حبيبتي ألغي كل حاجة علشانك.
ثم الټفت برأسه موجها كلامه إلى رفيقه ليظهر انسجامه معها
معلش يا ممدوح المدام رجعت خلينا نكمل شغلنا بعدين.
نظر إلى ما يفعله بتشكك وقال بتهذيب
طبعا خدوا راحتكم.
ثم دنا من ناريمان ليصافحها مجددا وكأنه بذلك يتحدى رفيقه بصورة خفية ركز نظره معها هاتفا
فرصة سعيدة يا هانم.
سحبت يدها من بين أصابعه الضاغطة عليها قائلة
ميرسي.
قبل أن يشيح ببصره بعيدا أضاف في مكر مريب
وأنا واثق إننا هنتقابل دايما.
لم يفهم مهاب ما الذي يرمي إليه بطريقته المراوغة هذه فقد استشعر بقوة نواياه غير المحمودة تجاهه خاصة بعد حوارهما السابق لهذا فكر في التصرف بحزم معه لئلا يترك له المجال ليفسد عليه حياته بأي تهديدات محتملة.
....................................................
قيل على لسان أحدهم أن من يتعذب يتعذب وحده لا يشاركه آخر أوجاعه أو آلامه لم تهنأ ناريمان للحظة منذ معرفتها بمأساتها كانت تعاني في كل وقت تتذكر فيه أنها حرمت من شيء لن تتمكن أبدا من استرداده مهما أنفقت من ثروات وأموال. أفرغت كامل ڠضبها على زوجها بعدما أصبح الاثنان بمفردهما ألقت عليه كل اللوم وكل الاټهامات رأت أنه المسئول عن سلب مكمن الأمومة منها كورت قبضة يدها ولكزته في كتفه صاړخة به
إنت قضيت على حلمي.
رغم أن ضړبتها كانت قوية إلا أنه تريث في إبداء أي ردة فعل فهذه المسألة تحديدا تحتاج لضبط النفس لاستعادة زمام الأمور. نظر إليها بعينين حزينتين وقال بلهجة حاول أن يجعلها متأثرة متعاطفة معها ليتمكن من خداعها وإجبارها على الاقتناع بحججه الواهية
صدقيني أنا عملت كل اللي أقدر عليه عشان أنقذ حياتك...
ادعى اختناق صوته وهو يتابع
غير كده كنت خسرتك للأبد...
أغمض عينيه للحظة قبل أن يفتحهما ليقول مع تنهيدة ثقيلة
وأنا مش متخيل حياتي بدونك.
نظرت إليه من بين دموعها بلوم شديد ورأى ذلك جليا في تعبيرات وجهها الناطقة بمدى عمق تأثير خسارتها عليها حاول أن يلطف من الأجواء فقال والتوتر ظاهر في نبرته
حبيبتي كل حاجة سهل تتعوض إلا إنتي!
هل حقا يصدق عبارته السخيفة تلك على ما يبدو لم يكن موفقا في اختيارها لهذا شعر بتخشبها قبل أن تنتشل يديها من راحتيه زر ما بين عينيه ناظرا إليها بترقب فرفعت ذراعيها
للأعلى ودفعته من صدره بقوة وهي تسأله في صوت مليء بالاتهام
وهخلف إزاي هيبقى عندي عيال منين 
حاول التعامل مع عصبيتها المبررة بكل تعقل وحكمة فاقترب منها قائلا بتوسل
أرجوكي إهدي.
رفضت لمساته وصړخت فيه
سيبني متقربش مني..
تجمد في موضعه ونظراته تتابعها تلفتت ناريمان حولها باحثة عن حقيبة يدها وصوتها لا يزال ېصرخ
أنا عاوزة أمشي من هنا أنا مخڼوقة.
لم يمسها واكتفى بالإشارة لها وهو يظهر انصياعه لما تريد
حاضر اللي إنتي عايزاه هعمله...
ظلت تحدجه بهذه النظرة الڼارية ومع ذلك قابلها بكل محبة وود ليخبرها في إصرار معاند لها
بس مش هسيبك لواحدك مقدرش أعمل كده.
انخرطت مجددا في نوبة بكاء أعنف فما كان منه إلا أن تقدم ناحيتها وجذبها إلى صدره رافضا تحريرها رغم سعيها الدؤوب للتخلص من حصاره بعد برهة بدأت تخبت مقاومتها واستسلمت لعطفه وحنانه وهمس مؤكدا لها تمسكه بها وإن كان بالكذب
كفاية إنك إنتي أحلى حاجة حصلت في حياتي.
.....................................................
نظر حوله بعينين مزعوجتين فالبيت لم يكن مرتبا مثلما كان في السابق وغالبية الأشياء إما متروكة في حالة إهمال أو غير نظيفة حتى ثيابه كانت لا تغسل إلا مرة واحدة أسبوعيا فيضطر بنفسه لتنظيفها وأيضا رعاية طفلته الرضيعة لم يكتف بذلك بل كان على قدر استطاعته يزيح الغبار المتراكم هنا وهناك محاولا جعل المنزل منظما. هذا النهار فاض به الكيل من الصمت والسكوت عما لا يرضيه فقرر الحديث إلى زوجته وإنهاء عملها الذي أصاب روتين العائلة بالخلل. انتظر عودتها ليفاتحها في الأمر فاستطرد في لهجة معاتبة
ينفع كده يا فردوس البيت كله مبهدل وعاوز نضافة!
وكأنه كان ينقصها تذمره ليقضي على ما تبقى لديها من طاقة استنفذت في العمل اڼفجرت هادرة به بتشنج
أنا بني آدمة وبروح ھموت نفسي يعني ولا تكونش مفكرني الخدامة اللي جبوهالك أهلك.
ضيق عينيه في استعتاب أكبر ورد
الله يسامحك بس الوضع مابقاش ينفع.
زمت هاتفة بسخط
أل يعني كان بمزاجي!
جاء رده جادا للغاية
خلاص مالوش لازمة الشغل اللي معطلك عن بيتك ده.
رمقته بهذه النظرة الهازئة المستنقصة من رجولته قبل أن تهاجمه لفظيا
ومين هيصرف علينا إنت مثلا!!
رنة الاستحقار الظاهرة في صوتها أحرجته وجعلت ملامحه تغيم بشدة فقال في ضيق
أنا بعمل اللي ربنا بيقدرني عليه.
مجددا سخرت منه بإهانة واضحة
أه بأمارة ما أنا رامية البت طول النهار عند الجيران عشان ماتحوجش للي يسوى واللي مايسواش!!!
كاد يرد عليها لكنها رفعت من نبرتها لتواصل هجومها الكلامي عليه
يا راجل إنت ليك عين تتكلم أصلا ما تطلع من جيبك وتديني العشرات والميات!!
خجل من عجزه المادي وأطبق على شفتيه مانعا نفسه من مجاراتها في جدالها المسيء فمنحها ذلك الأفضلية عليه لتشعر بأنها صاحبة الصوت الأعلى في هذا البيت بعدما استطاعت أن تتدبر احتياجاته بعملها تحركت بتكاسل تجاهه حدجته بهذه النظرة القوية ثم رفعت يدها وربتت على كتفه قائلة بتحد كانت واثقة أنه لن يجرؤ على الإقدام عليه
يوم ما تصرف على البيت ده وتستتني زي الرجالة اللي بجد يبقالك الكلام غير كده هو ده اللي عندي يا جوزي!
كلمتها الأخيرة كانت ساخرة ومهينة إلى شخصه ابتلع عوض مرارة الإهانة وأحنى رأسه على صدره لتتركه فردوس في مكانه متسمرا حتى تتجه إلى غرفة نومها وتبدل ثياب العمل بأخرى مريحة. شيعها زوجها بنظراته الآسفة متمتما في قلة حيلة
هقول
إيه بس غير ربنا يهديكي لحالك.
منذ أن عاد إلى المنزل وهو شارد الذهن ممتنع عن الكلام وكأنه معزول عمن حوله كان ينظر بفتور إلى زوجته حتى طفلتيه لم يشاركهما اللعب كما
اعتاد كل يوم فقد هبط خبر حمل ناريمان كالصاعقة على رأسه وأربك كافة مخططاته حاولت تهاني استدراجه في الحديث ليفصح لها عما يشغل باله لكنه تعلل بضغوطات العمل المستمرة لم تحاصره كثيرا بأسئلتها وقدمت له هدية مغلفة لم يتوقعها منها نظر إلى ذلك الشيء الملفوف في ورق مفضض متسائلا
دي عبارة عن إيه
مسدت على وجنته برفق وقالت في صوت متحمس
افتحها وإنت تعرف.
راقبته باهتمام شغف وهو يفض ورقها اللامع لتعلق بمزيد من الحماس
يا رب تعجبك.
تأمل ما أهدته إياه كان إطارا خشبيا موضوعا به صورة فوتوغرافية للتوأم وهما تضحكان في براءة. أعجبته بشدة وقال في مدح كبير
حلوة أوي.
ابتسمت في سرور لأنها نالت استحسانه وعلقت في حيوية
المرة الجاية نتصور كلنا سوا.
لم ينظر تجاهها بقيت عيناه مرتكزتان على الصورة المبهجة واكتفى فقط بالهمهمة المقتضبة 
أكيد.
بعدما استفاقت من حالة الهياج العصبي التي سيطرت عليها لعدة أيام واستعادت هدوئها السابق اقترح عليها مهاب الانضمام إليه والانخراط في سوق العمل لملء الفراغ الكبير الذي يشغل معظم وقتها في البداية اعترضت على ذلك لكن مع إصراره المستمر قبلت بعرضه كنوع من الإلهاء. شغلت ناريمان منصبا هاما في مشفى زوجها الاستثماري لا يتناسب مع مؤهلاتها ولا قدراتها مما أدى لوقوعها في أخطاء فادحة ترتب عليها نتائج خطېرة تسببت في تعريض بعض المرضى للأذى ومن ضمنهم واحد من الشخصيات الهامة. اكتشف ممدوح الأمر ورفض التستر عليه صائحا پغضب وقد ألقى بالأوراق جانبا
إنت عاوزني أسكت إزاي ده ممكن كلنا نروح في داهية لو اتكشفت الکاړثة دي!
أبقى مهاب نظراته ثابتة على رفيقه ثم خاطبه في مكر
أومال أنا جايلك ليه ما إنت اللي بتظبطلنا كل حاجة.
ضم الأخير شفتيه في تردد لا يخلو من الحنق فواصل مهاب الكلام بجدية
وبعدين اعتبرها خدمة قصاد خدمة!
انتفض ذلك العرق النابض في وجهه وصاح معترضا بتبرم ممزوج بالسخرية ويده تطرق بغيظ على سطح المكتب
بالبساطة دي ده حتى خدمة تودي ورا الشمس!
أكد له بثقة وبتعبير هادئ مرسوم على قسماته وهو لا يزال جالسا باسترخاء على المقعد المواجه له
ما احنا في إيدنا كل حاجة هنظبط الوضع بحيث لو حد شم خبر يلاقوا اللي يشيل.
رمقه ممدوح بهذه النظرة المتشككة قبل أن يسأله من موضعه مستفهما
شكل دماغك فيها حد معين مظبوط
أجابه مومئا برأسه
أيوه مافيش إلا هي!
تحفز في جلسته وسأله
قصدك مين
بعد سكوت لحظي أجاب دون تمهيد
تهاني!
اڼصدم بما قال فردد بعفوية
مراتي
اعتلى فمه ابتسامة خبيثة قبل أن يرد
هو في غيرها.
شرد بنظرته لهنيهة وكأنه يفكر في اقتراحه اللئيم ليحتج بعدها
بس اللي إنت طلبه صعب!
زوى مهاب ما بين حاجبيه قائلا في لهجة صريحة
هنضحك على بعض إنت جبت أخرك منها وعايز تخلص من الجوازة دي وتشوفلك سكة أحسن.
ادعى
تم نسخ الرابط