ليله امس

موقع أيام نيوز

 


الأصوات إحتراما و تقديرا لكبير الحي.
على الجانب الآخر سقط شاب في أوائل العشرينات من كثرة الضړب المپرح معالم وجهه تكاد لا ترى بالعين ليغلق عينيه مستسلما لذلك الثور.
ألقى بالآخر على الأرض قائلا بصوت غليظ
_ بقى كارم الريس حتة عيل زيك يضحك و أنا معدي ياض!
_ كارم.
أخذ نفس عميق و هو يلعن نفسه للمرة المليون نظر بعينيه إلى صديقه عابد ليكون داعم له إلا أن الآخر رفع يده بقلة حيلة دار بوجهه المتصبب عرقا للحاج منصور قائلا بنبرة مرحة

_ الحاج منصور سيد الناس كلها كل واحد يدخل بيته مش عايز كتر كلام و العيل ده شوفوا إبن منين ياخدوه المستشفى بينا على القهوة يا حاج نتكلم براحتنا.
ذهب سريعا من أمامه لقهوة الست جليلة لو ظل ثانية واحدة لكانت كرامته حديث الحارة أشهر من كلمات الحاج منصور يعتبره والده أو هو بالفعل والد له و لأي شاب و فتاة بحي المغربلين.
أساس الحي العائلة الجناح شيوخ العطارين و عائلة المسيري قبل أن يرحلوا من الحي و تعود إليه جليلة بعد ۏفاة والدها.
جلس الحاج منصور على المقعد المجاور له مردفا بضيق به بعض الڠضب
_ جرا إيه يا زفت هو مفيش ليك كبير و الا إيه! كل يوم و التاني خناقة و بوليس خلاص قعدة السچن جات على مزاجك.
حرك رأسه يمينا و يسارا بتعب قائلا
_ و الله يا حاج أنا المرة دي مظلوم لو تعرف الولد دة عمل إيه هتقوم تكمل عليه.
بسخرية سأله 
_ عملت إيه يا غلبان و الدنيا جاية عليك!
حمحم و هو يحرك يده على خصلاته السوداء الناعمة مجيبا
_ كنت معدي أنا و الواد عابد يروح ابن ضحك من غير أي إحترام.. بيقلل من كارم الريس يا عم منصور.
للحظات ظن أن منصور فقد النطق أو حدث له أي مكروه ليقطع الصمت صوت عابد الغاضب
_ لحد امتا هتفضل متهور بالشكل ده واحد و ضحك يعنى هيكون شتمك أنت عملت ايه في أبويا يا جلاب المصاېب!
أردف بسؤاله الأخير على صمت الحاج منصور المريب ضړب منصور بيده فجأة على الطاولة قائلا
_ قوم يا أنت و هو من هنا بدل ما اخلي الكل يضحك عليكم النهاردة مش نفر واحد.
خرجوا بنفس الثانية ليسند بظهره على المقعد ببعض الإرهاق رفع يده يمر بها على أعلى رأسه يخفف من حدة الصداع لولا انتظاره لمحبوبة قلبه لكان عاد إلى منزله..
بعد مرور أكثر من ربع ساعة دلفت إلى القهوة بطلتها الخاطفة لأنفاسه رائحتها الفطرية المميزة البعيدة عن أي عطور تأخذ بها قطعة من روحه أغلق عينيه مستمتعا بالياسمين الصافي المريح للروح قبل الجسد.
بقلق كبير اقتربت منه قائلة
_ حاج منصور أنت كويس ياخويا!.
سؤالها عنه يعطي له مزيج بين الحب و التوتر و كأنه مراهق بأول سن البلوغ كلمتها الأخيرة يكرها لحد الجنون أخويا لتقول.. تقول حبيبي سيكون الأمر أكثر من رائع و مميز.
فتح عينيه على وجهها الذي يحفظه بقلبه من أكثر من ثلاثون عاما طبق من الحلوى البلدي الأصيلة مهما تذوقت منها زادت رغبتك بها بابتسامة صافية و صوت يشوبه الحب أجابها
_ حد يشوف البدر في عز الشمس و يكون في حاجة كفاية عليا عيونك يا جليلة فيها الدنيا كلها بالنسبة ليا..
_ كويس إنك بخير يا حاج..
بزفرة تعب مع تنهيدة عميقة أخذها ليسيطر على أفعاله مردفا بقلة صبر 
_ حاج إيه يا جليلة أنا منصور نسيتي منصور!
تركته و صعدت لتجلس على مكتبها قائلة بصوت مرتفع
_ قهوة الحاج منصور يا واد يا زكريا.
_______شيماء سعيد_______
بحى المغربلين الشقة الخاصة بجليلة.
بالمساء تجلس فريدة بحزن شديد بجوار فتون على فراشها تحمل بداخلها ذنب كبير تجاه جليلة و بنفس الوقت هي مشتاقة إلى شقيقها فاروق ابتلعت لعابها قائلة لفتون بتوتر
_ فتون أقولك أنا كنت فين الصبح بس أوعي جليلة تاخد خبر.
أومأت لها الأخرى بحماس و إهتمام شديد لتكمل فريدة حديثها
_ أنا روحت شركة المسيري عشان أقابل أبيه فاروق بس طلع مسافر..
انتفضت فتون على أثر حديث فريدة غير منتبهة لجرس المنزل إذا علمت جليلة ستكون العواقب وخيمة فاروق و جليلة عبارة عن شعلة من النيران ټحرق الأخضر و اليابس ضړبت على صدرها بحركة عفوية قائلة
_ يا لهوي يا فريدة لية كدة آخر مرة جليلة رفضت الكلام معاكي أكتر من شهر فاروق أصلا إحنا برا أي حساب له... ليه تقللي من نفسك بالشكل
ده!
ردت عليها فريدة بضيق
_ فاروق أخونا يا فتون بيحبنا زي جليلة بالظبط مش ذنبه إن بابا كتب كل حاجة له و إحنا لا و خصوصا جليلة اللي كانت شايلة كل الشغل معاه خطوة خطوة فاروق عايزنا نعيش معاه و يدي لينا كل حاجة حتى قالي إنه ممكن يعمل ليا برنامج خاص لو عايزة و ينشر ليكي في أحسن دار نشر المشاكل بينه و بين جليلة إحنا مش فيها خالص بقى..
هتفت فتون پغضب من توأمها الحمقاء
_ و هو عرف إننا عايزين كل ده منين! منك صح! أنا بجد زعلانة منك يا فريدة.. حياتنا الخاصة مش من حق فاروق إنه يبقى جزء منها و لو بتقولي العيب في بابا عشان كتب كل حاجة له فهو كان يقدر يرجع الحق لينا لو عايز ده إحنا مش كلاب عشان يرمي لينا عضمة..
قطع حديثهم دخول جليلة المفاجئ بإبتسامة سعيدة من الأذن إلى الأذن ثم أردفت و هي تقول لفريدة بسعادة أم لابنتها
_ كبرتي يا فريدة و بقى ليكي عرسان حضري نفسك الحاج منصور و إبنه عابد برا في الصالون عابد طالب إيدك يا بيضة.
______شيماء سعيد______
استغفروا لعلها ساعة استجابة
الفصل الثاني 
بداية_الرياح_نسمة 
حي_المغربلين 
الفراشة_شيماء_سعيد
جسدها يرتجف من الړعب كأنها بشهر ديسمبر لا تشعر بما يحدث حولها... العالم خلفها بوادي و هي بوادي آخر لا يصل إليها أصواتهم أو أي كلمة تخرج منهن.
نظرات الشفقة بعين نساء العائلة و الغل الواضح بتعبيرات صفية ترى أمام عينيها حقيقة غير قادرة على تصديقها عثمان فر هاربا بليلة ظلت تحلم بها معه منذ نعومة أظافرها..
كل ركن بالمكان يذكرها بشيء يجمعها به هنا تعلمت على يده القراءة و هنا تذوق أول وجبة منها و كانت بشعة إلا أنه رآها أجمل ما دلف إلى فمه سارت مع نساء العائلة و مرت من أمام غرفته قبل أن تدلف للغرفة المجاورة و الخاصة بفارس.
بقيت بمفردها بغرفة تكاد تختنق بها و باب مغلق عليها ظلت بثوب زفافها ملقية بجسدها على الفراش ربما تكون مازالت تتنفس إلا أنها فارقت الحياة مع آخر جملة سمعتها منه آسف بس الموجة عالية جوي المرة دي.
أغلقت عينيها بمحاولة أخيرة منها للهروب أو يظهر أن كل ما حدث مجرد كابوس مرعب لن تقصه على أحد حتى لا يتحقق.
بخفوت أغلق باب الغرفة خلفه تحول من شقيق العريس و شاهد على عقد الزواج إلى العريس نفسه خطڤ نظرة سريعة لها قبل أن يدلف للمرحاض تائه لا يعلم ماذا يفعل أو على الأقل ما يحدث حوله.
بعد عشر دقائق أردف بصوت هادي
_ فرحة أنا عارف إنك صاحية لازم نتكلم.
ارتجفت أصولها... هم بالصعيد و هذه من المفترض ليلة زفافهم أخذها عقلها إلى مكان بعيد لتصرخ بكل قوتها و هي تنكمش بآخر زاوية بالفراش
_ فارس أنا فرحة بنت عمك و حبيبة عثمان أرجوك بلاش تعمل أي حاجة تكسر اللي باقي مني أنا تعبت أوي النهاردة و مش قادرة أتحمل كل ده.
جلس على الطرف الآخر من الفراش بنفس هدوئه حياته الفنية علمته التمثيل بشكل جيد حتى بأصعب الأوقات إبتسم بوجهها قائلا
_ مټخافيش يا فرحة إنتي أختي مش بس بنت عمي اللي حصل تحت إنقاذ موقف مش مطلوب منك تعملي أي حاجة ربنا العالم إنتي عندي إيه زيك زي هادية أختي بالظبط نامي على السرير و أنا على الأرض بكرا لازم تنزلي معايا القاهرة عندي تصوير الواحد مش قادر يتكلم خالص النهاردة.
لم تصدق ما قاله اتسعت مقلتيها بذهول منه و من حنانه يا ليت لديها بالفعل شقيق مثله و بعقله أشارت إلى الشرفة المفتوحة و الناس بالخارج مردفة بتوتر و خوف
_ طيب و الناس اللي تحت دي هتعمل فيهم إيه يا ولد عمي!
_ تعالي و مټخافيش يا فرحة.
_ عثمان مستحيل يتخلى عني يا فارس صح!
تأكد من نومها ليريح جسدها على الفراش و هو يبتسم على نفسه بسخرية من بقائها بثوب الزفاف أخرج من خزانة الملابس الخاص و ذهب به إلى الشرفة أنتهى من كل شيء و أخذ وسادة مع شرشف خفيف دثر جسده به قائلا بسخرية
_ عجبا لك يا زمن بقى فارس المهدي أول ليلة له مع مراته تكون فرحة و كمان نايم على الأرض مكان الجزمة.
______شيماء سعيد______
تقف خلف باب غرفتها تسمع أحاديثهم بالخارج ضحكته المعبرة عن سعادته مثل السم القاټل لها رفعت هاتفها لترى رسالته الأخيرة بالصباح الليلة هنكون لبعض قصاد الكل يا حب عمري كله.
كڈبة صغيرة بلحظة طيش لتنتهي بأخذ قطعة من روحها و هي فقط عليها المشاهدة
 

 

تم نسخ الرابط