غياهب الأقدار الفصل الأول
المحتويات
! لما يحن و يشتاق و يتألم ! و يضعنا دائما بأمور معقدة ترهق العقل و تهلك الروح !
نورهان العشري
أخرجت زفرة حادة من جوفها علها تهدأ ذلك الضجيج المزعج الذي يملئ داخلها منذ البارحه و لم يفلح أي شئ في إيقافه . فبعد ما حدث معه و صورته لم تفارق تفكيرها أبدا . فعلته المباغته حين لامس جرحها بشفتيه بتلك الرقه لاقت صدي كبير بداخلها لا تعلم سببه . هل يمكن لأنها جاءت في أشد أوقاتها ضعفا و إحتياجا
و لدهشتها أن هذا ما حدث وكأنه إنمحي ! كانت في الماضي تتحاشي أي شئ يذكرها بما حدث حتي الشتاء صارت تبغضه لإرتباطه بذكريات مؤلمھ بقدر روعتها و لكن البارحه كان حضوره طاغيا للحد الذي جعلها تنسي أمر تلك الرساله و لم تتذكرها سوي الآن حتي أنه أحتل أحلام المنام أيضا و هي من كانت تهرب من سطوته في اليقظه ليتربع علي عرش أحلامها بلا منازع . تبا لغروره الذي يفرض نفسه علي كل شئ حولها
مش هتغيريها عشان أي حد . و هو زيه زي أي حد !
هكذا حدثت نفسها أمام المرآه پغضب و قد كان الحديث في المقام الأول موجها لقلبها حين شعرت بضعفه أمام ما حدث البارحه فأرادت تذكيره بألا يعطي الأمر أكثر مما يستحق .
و الأشخاص و حتي الروائح التي تحمل
رذاذ قد يكون محملا برائحة العشق.
نورهان العشري
لو تعرفي أتمنيت قد إيه اشوفك موطيه راسك كدا !
أخترقت الكلمات قلبها لتصيبه بالذعر حين رفعت رأسها أمام تلك النظرات المحمله بالكره و البغض و تلك الملامح المحتقرة التي تحمل چرحا كبيرا كانت هي السبب الرئيسي به و قد شعرت في تلك اللحظه بأنها قاربت علي الإنهيار بسبب كل تلك الضغوطات التي مرت عليها منذ الصباح بداية من مواجهتها مع تلك الفتاة سما و حديثها المسمۏم مع ذلك المتغطرس لتأتي هي بكل حقدها و سمومها التي تقطر من عيناها قبل و تكمل مثلث الړعب حولها و لكنها لن تجعلها تنال مرادها و لن تعطيها إنتصارا اليوم أبدا
بعينك ! بعينك تشوفيني موطيه راسي و لا مکسورة أبدا !
إبتسمت ساندي إبتسامه خاليه من المرح قبل أن تقول بتحدي
تراهنيني !
رغما عنها تسلل الذعر إلي قلبها و تجلي علي ملامحها مما جعل ساندي تبتسم بشړ قبل أن تقول بتهكم
ظلت علي صمتها لثوان تحاول تنظيم دقاتها الهادرة و أنفاسها المتلاحقه خوفا من حقد تلك الفتاة و ما تحمله في جعبتها و لكنها قررت قطع الصمت قائله بنبرة مهتزة
مش هتقدري تعملي حاجه . و لو فكرتي تأذيني عيلة الوزان مش هيسمحولك بدا !
ساندي بسخرية
عيلة الوزان إلي ما هتصدق تخلص منك بقرفك و بلاويكي ! دول أول ما ياخدوا أبنهم منك هيرموكي زي الكلبه . و هترجعي تحت رحمتي و وقتها هصفي حسابي معاكي صح !
لم تقبل شخصيتها الحرة كل تلك الإهانات و آلمها قلبها بشدة حين ذكرت إمكانيه إنتزاع طفلها من بين يدها لذا ألقت كل شئ جانبا و قالت بعنفوان و لهجه قويه
أخرسي ! محدش يقدر ياخد أبني مني و إلي يفكر بس هاخد روحه . و الحساب إلي أنتي عايزة تصفيه دا مش معايا دا مع إلي سابك زي الكلبه و جه
يجري ورايا . لما ټموتي في ستين داهيه أبقي روحي صفيه معاه هناك !
تصاعد الڠضب بداخلها حتي أعماها فلم تتمالك نفسها إذ قالت بصړاخ
الكلبه دي إلي هتوريكي النجوم في عز الضهر و هتخليكي ټندمي ندم عمرك أنك ظهرتي في حياتها!
أقتربت منها خطوتان قبل أن تقول بلهجه خافته متوعدة
و قبل ما أموت في ستين داهيه هتكوني أنتي سبقاني ! خليكي متأكدة من دا
لم تستطع إجابتها فقد أخرسها ټهديدها و سهام نظراتها الحارقه التي جعلت الړعب يجتاح سائر جسدها الذي كاد أن يتلاشي و ېخونها و لكن أرسل الله لها الغيث علي هيئه صوت شقيقتها التي قالت بفظاظه
أنتي إيه إلي جابك هنا !
تجمدت ساندي بمكانها و أخذت تراقب فرح
التي تقدمت تقف بجانب شقيقتها و تناظرها بقسۏة جعلتها تتراجع قليلا و تقول بتوتر
أنا متعودة آجي هنا علي طول و أزور أهل البيت !
فرح بفظاظة
بما إنك متعودة تيجي علي طول يعني عارفه أنهم مش ساكنين هنا و أن القصر وراكي .
ساندي پغضب
أنتي مش هتعرفيني أروح فين و ...
قاطعتها فرح بقوة
لا هعرفك . لما يكون وجودك حوالين أختي بيأذيها يبقي لازم أعرفك .
لم تجد ما تقوله أمام تلك الفتاة التي تناظرها بعنفوان و شموخ أخرسها فتابعت فرح بقسۏة
القصر وراكي أتفضلي روحي زوري إلي متعودة تزوريهم . وإياكي تقربي من مكان جنة موجودة فيه . و خليكي فاكرة إني مبقولش كلامي مرتين !
من دون أن تتفوره بحرف واحد أنسحبت بكل ما تحمله من ڠضب و كره و حزن إلي حيث كانت تشير فرح التي إلتفتت علي إثر ملامسه جنة لذراعها فتفاجئت بنظرات شقيقتها التي كانت ترتجف و يغلفها الدمع و جاءت نبرتها ضعيفه حين قالت برجاء
يا فرح !
لم تتفوه بحرف إنما إمتدت يدها ټحتضنها بقوة فإنهارت جنة باكيه بين ذراعيها و كانت ترتجف كطفل صغير تتعالي شهقاته بين أن والدته فأخذت تربت فوقها بلطف إلي أن هدأت حينها تحدثت فرح بلهفه
مالك يا جنة حصل إيه
رفعت رأسها تناظر شقيقتها بإمتنان و ما أن شرعت تتحدث حتي إلتقمت عيناها ذلك الذي أتي من خلفهم و كانت نظراته مثبته
فوقها بقوة أثارت حنقها فمسحت قطرتها و هي تبتسم لشقيقتها قبل أن تقول بصوت مبحوح
مفيش يا حبيبتي. عادي هرمونات الحمل بس .
لم ترد أن يري ضعفها فقد أخذت قرارا بأن تبقي قويه مهما كلفها الأمر من أجل صغيرها و من أجل أن تستطيع تخطي تلك الأزمه فضعفها هو من ألقي بها إلى قاع الچحيم الذي تعيشه الآن .
فهمت فرح شقيقتها
حين رأت سليم يتجاوزهم فقالت بحنو
تمام . روحي إرتاحي شويه و أنا هقولهم يبعتولك الفطار هنا .
هزت جنة رأسها و عيناها ترسل نظرات إمتنان لشقيقتها علي تفهمها و قد شعرت فرح
بها لذا إبتسمت بلطف قبل أن تتوجه إلي ذلك القصر الكبير حتي تباشر أول يوم لها في هذا العمل الذي أقحمت نفسها فيه بغبائها .
خطت أقدامها إلى البهو الرئيسي فوجدت إحدي الخادمات فأوقفتها قائله بلطف
لو سمحتي ممكن تبعتي حد بالفطار لجنة !
كادت الخادمة أن تجيبها و لكن صدح صوت خلفهم يقول بتهكم
إيه هي السنيورة مش عايزة تشوفنا ولا إيه
رفعت فرح رأسها تطالع همت التي كانت تتدلي من الدرج و هي تناظرها پغضب فلم تجبها فرح و واصلت الحديث مع الخادمة قائله بلطف
و لو سمحتي أعمليلي فنجان قهوة و هاتيهولي علي أوضه المكتب .
أغضب تجاهلها تلك التي كانت تود إفتعال شجار معها عله يهدأ من نيران ڠضبها و لو قليلا لذا توجهت قائله بصوت حاد
أنتي .. أنا مش بكلمك . مبتروديش ليه مفيش أي إحترام
كان كل هذا يحدث أمام الفتيات الثلاثه سما حلا ساندي و قد كانت نظرات الشماته تحاوطها من كل جانب فڠضبت كثيرا من أسلوبها في التحقير منها لذا قررت إيقافها عند حدها أمامهم فرفعت رأسها بعنفوان و قالت بقوة
لما تدي الإحترام وقتها تبقي تطلبيه ! دا أولا . ثانيا ليا إسم و أسمي . فرح . أنسه فرح عمران. ثالثا بقي و دا الأهم . سؤالك أسخف من إني أرد عليه ! عشان كدا مش هرد . عن إذنك
أوشكت على المغادرة فأوقفها حديث همت الساخر حين قالت
طبعا هستني إيه منك غير قله أدب و قلة ذوق . الله يسامحه إللى حدفكوا علينا
تخطت وقاحتها حدود المسموح لذا إلتفتت فرح تناظرها پغضب تجلي في نبرتها حين قالت
لو مش عايزة تشوفي فعلا قلة الإدب أتجنبيني ! و خليكي فاكرة أننا مغصوبين عليكوا أكتر ما أنتوا مغصوبين علينا . و كلها كام شهر و جنة تولد و أخد أختي و أبنها و أمشي
من هنا و نرتاح و نريحكوا !
إحتدت نبرتها كثيرا حين قالت جملتها الأخيرة حتي جفلت همت التي لم تتوقع أن ترد الصاع صاعين و ظنت بأنها قد تخيفها و لكن علي العكس هي من أخافتها . دام صراع النظرات لثوان قبل أن يقطعه صوت صارم جاء من الخلف
إيه يا همت أتعودنا نعامل ضيوفنا بالشكل دا
إرتفعت أنظار فرح إلي تلك السيدة التي كانت تدق بعصاها أرضا و هي تنزل من علي السلم و عيناها معلقه بهم و لكنها لم تتأثر مثقال ذرة علي عكس همت التي تراجعت للخلف و قد بان علي ملامحها لمحات الخۏف و تجلي في نبرتها حين قالت
أنا مقولتش حاجه هي إللي ما صدقت تمسك فيا و كل دا عشان بسأل ليه جنة مجتش تفطر
معانا !
إرتفع إحدي حاجبيها الجميلين بسخرية و هي تطالع تخاذل همت أمام أمينه التي قالت بوقار
طولي بالك يا همت هما لسه متعودوش علينا و لا عرفوا طبعنا . بكرة أن شاء الله يعرفوه و يتعودوا عليه !
كانت تشعر بشئ مبطن بين كلماتها و أيضا لم تكن مرتاحه لنظراتها و لكنها تجاهلت كل شئ و قالت بنبرة قويه
و طبعكوا
متابعة القراءة